قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

 نموذج: قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي

                                                                                       ذ:حسن أيت موح

                                                                                     باحث في القانون

لاشك أن اقتباس التشريع المغربي بعض قوانينه من القانون الفرنسي يعد ظاهرة عادية، بالنظر للحماية التي خضعت لها المملكة .فالحماية والاقتباس، يشكل كل منهما وسيلة للآخر،

فالاستعمار بمفهومه العام، يعتبر من أهم الوسائل التي انتشرت بها القوانين الأجنبية.

و قد أكد أستاذنا أحمد ادريوش (1) “أن علماء الاجتماع بوجه عام،لم يتوصلوا بعد إلى تعريف دقيق لظاهرة الاقتباس

يمكن من الدراسة الشمولية لمختلف تجارب اقتباس القوانين الأجنبية، وقد أكدوا في نفس الوقت على أن لكل تجربة خصوصياتها التاريخية”.

و لطالما كان قانون الشركات المغربي محكوما بالقانون التجاري لسنة 1913 ولأحكام القانون الفرنسي الصادر في 24/7/1867 بشأن الشركات الرأسمالية والذي تم تطبيقه بظهير 11/8/1922.

مع ارتباط المغرب بالاتحاد الأوروبي (اتفاقية الشراكة لسنة 1996،منح وضع متقدم للمملكة سنة 2008،والمفاوضات الجارية حول اتفاقية حرة كاملة).

يتقارب قانون الشركات(2) مع القانون الفرنسي الذي تربطنا به وشائج قربى لا تخفى على أحد.

و يأتي اختيارنا لدراسة قانون المنظم للمجموعات ذات النفع الاقتصادي(3) لاقتباسنا لهذا الشكل القانوني من التشريع الفرنسي(4) والذي استحدثها بمقتضى قانون 23 شتنبر 1967

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

الذي أوكل إليها مهمة تطوير التعاون بين المقاولات المنضوية تحت لوائها، ومنحها بذلك إطارا قانونيا لا يوجد حتى الآن، لا في الجمعيات، ولا في الشركات التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق الربح.

لذلك،لا يمكن معرفة تاريخ المجموعات ذات النفع الاقتصادي، إلا برجوع إلى القانون الفرنسي الذي أخذنا عنه هذا الشكل القانوني لإدارة عجلة الاقتصاد والتنمية في بلادنا.

لهذا نجد الفرنسيون يفتخرون بأن لهم فضل في ابتكار المجموعات ذات النفع الاقتصادي (5)

لتمكين المقاولات من توحيد جهودها في ميادين ذات المنفعة المشتركة مع بقاء كل مقاولة محتفظة باستقلاليتها عن الأخرى.

و هو ما يدفعنا إلى التساؤل عن حدود اقتباس لأحكام قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي؟ ثم عن موقف الفقه من ذلك.

للإجابة عن ذلك ، سنقسم هذا الموضوع إلى مطلبين نعالج في أولهما حدود اقتباس المشرع المغربي لأحكام المجموعات ذات النفع الاقتصادي،

و في ثانيهما موقف الفقه المغربي من اقتباس المجموعات ذات النفع الاقتصادي.

المطلب الأول: حدود اقتباس المشرع المغربي لأحكام المجموعات ذات النفع الاقتصادي.

جاء في المادة الأولى من قانون رقم 13.97 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي المقابلة للمادة 1-251 من مدونة التجارة الفرنسية:

” يجوز لاثنين أو أكثر من الأشخاص الاعتباريين أو الذاتيين أن يؤسسوا فيما بينهم مجموعة ذات نفع اقتصادي لمدة محددة أو غير محددة بهدف تسخير كل الوسائل

التي من شأنها تسهيل أو تنمية النشاط الاقتصادي لأعضائها وتحسين أو إنماء نتائج هذا النشاط.

يجب أن يكون نشاط المجموعة مرتبطا بالنشاط الاقتصادي لأعضائها أو أن تمارس نشاطها في إطار مجموعة متكاملة تقوم بأنشطة ذات صلة بالنشاط الاقتصادي لأعضاء المجموعة.

لا يتمثل هدف المجموعة في تحقيق أرباح لفائدتها.”

و بدراستنا لهذا القانون يتبين أن هناك عدة نقاط الالتقاء والاختلاف مع القانون الفرنسي،وهو ما سنحاول توضيحه.

  • مظاهر اقتباس في قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي:
  • اكتساب الشخصية المعنوية:

أكدت المادة 4 من قانون 13.97 أن المجموعة ذات النفع الاقتصادي كيفما كان غرضها تتمتع بالشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري،

دون أن يترتب على هذا التقييد افتراض الصفة التجارية للمجموعة.وهو ما أكدته المادة 4-251 من مدونة التجارة الفرنسية،

لتكون بذلك كالشركات،إلا أنها ابسط من الشركة وأكثر فعالية مقارنة مع الجمعية.

و علق أحد الباحثين (6) على اكتساب المجموعة ذات النفع الاقتصادي للشخصية المعنوية ابتداء من تاريخ تقييدها في السجل التجاري،

بأنه الحالة الأولى من نوعها في المغرب التي يسمح فيها لشخص معنوي ذو غرض مدني بأن يسجل لزوما في السجل التجاري.

و معلوم أن التقييد في السجل التجاري، لا يترتب عنه الصفة التجارية للمجموعة، ذلك أن قرينة القيد في السجل التجاري وطبقا للمادة 58 من مدونة التجارة تعد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس.

  • ممارسة نشاط اقتصادي:

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

لاشك أن الهدف من المجموعة ذات النفع الاقتصادي هو تسهيل أو تنمية النشاط الاقتصادي لأعضائها وتحسين أو إنماء نتائج هذا النشاط، بغض النظر سواء كانت ذات طبيعة مدنية أو تجارية.

و هو ما أقرته كذلك المادة1-251 من مدونة التجارة الفرنسية.

  • الصفة التبعية للنشاط:

أكدت المادة 2 من نفس القانون أنه يجب على المجموعة ذات النفع الاقتصادي أن تقوم بنشاطها أساسا لحساب أعضائها.

و من تم فلا يجوز لها أن تحل محل أعضائها في ممارسة نشاطهم أو أن تستغل بأي شكل من الأشكال أصولهم التجارية.

غير أن المشرع أجاز لها بصفة ثانوية، استغلال بعض عناصر هذه الأصول أو إنشاء أصل فرعي.وهو ما أكدته المادة 1-251 من مدونة التجارة الفرنسية.

  • انتفاء قصد الربح :

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

أكدت المادة 1-251 من مدونة التجارة الفرنسية المقابلة للمادة الأولى من قانون13.97

 بأنه رغم أن المجموعة ذات النفع الاقتصادي هدفها تسهيل أو تنمية النشاط الاقتصادي لأعضائها وتحسين

أو إنماء نتائج هذا النشاط، إلا أنها لا تهدف إلى تحقيق الربح لفائدتها.

و في حالة تحقيقه فانه يوزع على الأعضاء ولا يمكنها أن تحتفظ به لنفسها في شكل احتياطي مثلا.

  • تؤسس برأسمال أو بدونه :

وفقا للمادة 3-251 من مدونة التجارة الفرنسية الموازية للمادة 3 من قانون 13.97 فانه يجوز تكوين المجموعة ذات النفع الاقتصادي بدون رأسمال.

هذا عن مظاهر الاقتباس،فماذا عن مظاهر الاختلاف؟

  • مظاهر تميز المشرع المغربي عن نظيره الفرنسي :
  • مدة تأسيس المجموعة ذات النفع الاقتصادي

إذا كانت المادة 1 من قانون 13.97 أعطت للأشخاص الاعتباريين أو الذاتيين إمكانية تأسيس فيما بينهم مجموعة ذات نفع اقتصادي لمدة محددة أو غير محددة

فان القانون الفرنسي أكد خلاف ذلك في المادة 1-251 بتأكيده على أنه يجوز لشخصين طبيعيين أو اعتباريين أو أكثر أن يشكلوا مجموعة مصالح اقتصادية فيما بينهم لفترة محددة.

  • تعيين مراقبي الحسابات

يلاحظ أن تعيين مراقبي الحسابات في المجموعة ذات النفع الاقتصادي لا يعد إلزاميا إلا في  حالة واحدة نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 39

و ذلك في حالة إصدار المجموعة سندات القرض وفقا للشروط المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 3 من نفس القانون.

و ذلك خلافا للقانون الفرنسي الذي جعل تعيين مراقب أو عدة مراقبين للحسابات أمرا إلزاميا في حالتين هما:

-إذا كانت  المجموعة تصدر سندات.

-أو في المجموعات التي تضم مائة عضو أو أكثر نهاية السنة المالية.

و بعد جردنا لأهم مظاهر الاقتباس المشرع المغربي لأحكام قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي من نظيره الفرنسي ،سنحاول في المطلب الموالي معرفة موقف الفقه من هذا الاقتباس.

المطلب الثاني: موقف الفقه من اقتباس قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي.

يكاد يجمع كل الفقه على أهمية قانون المنظم للمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الذي فتح المجال للعديد من المقاولات من أجل التكتل والتعاون

للقيام بمجموعة من الأنشطة المرتبطة بنشاطاتها الأصلية، والتي يصعب عليها تحقيقيها على انفراد.

 و كان أحد الباحثين(7) قد أعاب على المشرع المغربي خروجه عن النص الفرنسي بإقصائه لفئة عريضة كان بإمكانها إنشاء مجموعات ذات نفع اقتصادي للقيام بالعديد من الأنشطة الاقتصادية

سواء في المجال الفلاحي أو التجاري أو في مجال المهن الحرة(كالأطباء،الصيادلة، المهندسون…).

و هو ما استجاب له المشرع مؤخرا بتعديله للمادة 1 من قانون 13.97 بموجب المادة الأولى من القانون رقم 69.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.29 بتاريخ (12 مارس 2015).

بالمقابل،استنكر الدكتور محمد الادريسي العلمي المشيشي (8) تعدد الشركات، معتبرا أنه كان بإمكان المشرع إبداع تطبيقات شركة المساهمة،

بصورة ملائمة لجميع أنواع المقاولات حسب أهميتها وذلك بناء على معايير اقتصادية واجتماعية وسياسية وقانونية، تميز بين المقاولات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة منها.

و يصبح تحديد مدى مسؤولية المساهمين، مجرد آلية يتغير استعمالها وشروطها، تبعا لأهمية الشركة ولإرادة المساهمين،ومتطلبات حماية النظام العام الاقتصادي.

غير أن البين من الأعمال التحضيرية لقانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي،

أن الهدف من اقتباس هذا المولود القانوني كان بهدف الرغبة في ربح تحديات التي يواجهها الاقتصادي المغربي

من جراء المنافسة الدولية وكذا تعزيز اندماجه في الاقتصاد الدولي.(9).وهو نفس الهاجس الذي كان وقتها لدى الحكومة الفرنسية(10) أثناء إصدارها لهذا القانون.

و عموما، تبقى ظاهرة الاقتباس في التشريع المغربي ، ظاهرة طبيعية بالنظر للموروث التاريخي وتأثيره على صناعة التشريع،

لذا يتعين أحيانا لفهم بعض القوانين الوطنية الرجوع إلى القانون الأجنبي المقتبس منه ودراسته دراسة عمودية معمقة.

المراجع:

1-د:احمد ادريوش” أصول نظام التحفيظ العقاري بحث في مصادره المادية والرسمية وفي توجيه الفقهاء لنظر الشرع الاسلامي عليه” منشورات سلسلة المعرفة القانونية 2003 ص:13.

2- راجع في ذلك قانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 30/8/1996 منشور في الجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ17/10/1996

و كذا القانون رقم 5.96 المتعلق بشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة المحاصة منشور بالجريدة الرسمية عدد 4478 بتاريخ فاتح ماي 1997 ص:1058.

3- القانون رقم 13.97 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي منشور بالجريدة الرسمية عدد 4678 بتاريخ 1/4/1999.

4-د: عز الدين بنستي “الشركات في التشريع المغربي المقارن” الطبعة الاولى 2000 الجزء الأول ص:222.

5-د: احمد شكري السباعي ” الوسيط في الشركات ” مطبعة المعارف الجديدة، الجزء 2 الطبعة الأولى/الرباط، ص:460.

6- ذ:عز الدين بنستي،المرجع السابق،ص:225.

7- د: المختار بكور : “قانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي” مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد ،سنة 2000،ص:20.

8-مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية،عدد 80،ص:23.

9- عرض وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية حول مشروع قانون رقم 13.97 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الاقتصادي،المقدم إلى  لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب دورة أكتوبر 1998.

          10-Rapport au Président de la République sur l ordonnance du 23/9/1967 sur les G.I.E .VOIR ;M.GOZIAN et A.VIANBIER*droit des sociétés*PARIS .P ;151                                           

قراءة مبسطة في ظاهرة الاقتباس في  قانون الشركات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *