مشروع القانون رقم 02.23 نحو تحسين وتبسيط لقانون المسطرة المدنية pdf

مشروع القانون رقم 02.23 نحو تحسين وتبسيط لقانون المسطرة المدنية pdf

مشروع القانون رقم 02.23: نحو تحسين وتبسيط لقانون المسطرة المدنية.

مشروع القانون رقم 02.23: نحو تحسين وتبسيط لقانون المسطرة المدنية.

ذ: ايت موح حسن باحث في القانون

في إطار إتمام سلسلة الإصلاحات التشريعية التي باشرها المغرب ومطابقتها مع أحكام دستور 2011، وبعد تعديل عدد من القوانين ذات الصلة بقطاع العدالة، جاء الدور على قانون المسطرة المدنية لتعديله وتكييفه مع المتغيرات القضائية الحاصلة في البلاد.

ففي 24 غشت 2023 صادق المجلس الحكومي على مشروع قانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، الذي يهدف إلى معالجة أوجه القصور التي أبرزتها الممارسة القضائية، وخاصة فيما يتعلق بتعقيد الإجراءات وطول المدة التي يستغرقها تنفيذ الأحكام.

ولقد أكد السيد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، الذي حل ضيفا على نشرة الأخبار الرئيسية للقناة التلفزية الأولى مساء يوم الخميس 24 غشت 2023، أن مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الحكومة عرف تعديل أزيد من 400 مادة من قانون المسطرة المدنية وإضافة 145 مادة جديدة وإدماج 45 أخرى، وذلك بإشراك كافة المتدخلين من سلطة قضائية ورئاسة النيابة العامة ومحامين وقضاة ورئيس الحكومة الذي تقدم بمقترحات عديدة ، وبتنسيق مع الأمانة العامة للحكومة.وهو ما يدفعنا إلى قراءة هذا المشروع قراءة نقدية من خلال فقرتين نعالج في أولهما: مستجداته وفي ثانيهما : محاولة رصد ثغراته.

الفقرة الأولى : مستجدات مشروع قانون رقم 02.23

معلوم أن قانون المسطرة المدنية هو الإطار التشريعي العام الذي يحكم مختلف الإجراءات أمام المحاكم، ما لم يوجد نص خاص.من هذا المنطلق يأتي هذا المشروع لمراجعة قانون المسطرة المدنية الحالي الصادر بتاريخ 28 شتنبر 1974،ليتلاءم مع الواقع القضائي الجديد، وينزع الغموض السائد في بعض مقتضيات هذا القانون بإدخال تعديلات جوهرية وذات أهمية بمكان على كل جوانب الإجراءات، مع الحرص على تدقيق إجراءات التقاضي انعكس على حجم المواد الواردة في المشروع التي بلغت 644 مادة، في حين أن القانون الحالي لا يتضمن سوى 528 مادة.

ولعل أهم مستجدات هذا المشروع نذكر:

– استهلال المشروع بديباجة تبين الأسباب الداعية للتعديل، وأهدافه.

– تجميع المشروع لعدد من القوانين الخاصة كالقانون المحدث للمحاكم التجارية وقانون المحاكم الإدارية وقانون قضاء القرب.

– حذف المقتضيات المتعلقة بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.- الرفع من مبالغ الغرامات المالية لفائدة الخزينة العامة ومن أمثلة على ذلك نذكر: المادة 10 المتعلقة بتقاضي بسوء نية، المادة 93 المتعلقة بإخلال أحد الأفراد بالاحترام الواجب للمحكمة، المادة 141 المتعلقة بتخلف الشهود عن الحضور، المادة 158 المتعلقة بتحقيق الخطوط، المادة 166 المتعلقة برفض ادعاء الزور، المادة 350 المتعلقة برد الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، المادة 409 المتعلقة برفض طلب التشكك غير المشروع ،المادة 425 المتعلقة برفض طلب مخاصمة القضاة، المادة 430 المتعلقة برفض طلب إعادة النظر…..

– تأكيد المشروع على إمكانية القاصر الذي ليس له نائب شرعي أو لم تتأت النيابة عنه، بالتقاضي أمام المحكمة أو بطلب الصلح فيما له مصلحة ظاهرة، إعمالا لمقتضيات اتفاقية حقوق الطفل.

– التنصيص على كيفية أداء الأخرس لليمين عند الاستماع إليه كشاهد، وعلى أداء من لا قدرة له على الكلام للشهادة بالكتابة أو بالإشارة المفهومة.

– منح الأطراف أو من ينوب عنهم الاطلاع على مستندات القضية أو أخذ نسخ منها على نفقتهم في كتابة الضبط دون نقلها.

– تقليص نطاق الأحكام القضائية القابلة للطعن بالاستئناف وقصرها على القضايا التي تتجاوز قيمة الطلبات بشأنها 40.000درهم، مع فتح المجال للطرف المتضرر من الحكم الصادر ابتدائيا و انتهائيا من إمكانية تقديم طلب إلغائه أمام السيد رئيس المحكمة الابتدائية المختص، عند تحقق الحالات المحددة في المادة 32.

– إعادة النظر في الاختصاص النوعي، بإعطاء الحق للمحكمة بإثارة هذا الدفع بشكل تلقائي وكذا للأطراف في جميع مراحل الدعوى أمام محاكم الدرجة الأولى، وأمام الأقسام المتخصصة بالمحاكم الابتدائية، مع وجوب بت المحكمة في الدفع داخل أجل 8 أيام بحكم مستقل.

– الاستغناء عن المقتضيات الخاصة بالتبليغ بواسطة البريد المضمون (ماعدا بخصوص تبليغ الأطراف القاطنين خارج المغرب) أو بواسطة قيم.

– صلاحية المحكمة تصحيح الأخطاء المادية الواردة في مقرراتها بشكل تلقائي أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو طلب الأطراف وبدون مصاريف.

– استعمال موقع وزارة العدل لترتيب الآثار القانونية على عملية الشهر والإخبار خصوصا فيما يتعلق بحالات بيع العقار في المزاد العلني.

– إيداع المقالات والطلبات والطعون عبر المنصة الالكترونية.

– اعتماد التوزيع الآلي للملفات بين القضاة.- حذف جاهزية القضية للحكم بالنسبة لمحكمة درجة ثانية وبالتالي يتعين عليها التصدي والحكم في الجوهر عند إبطال أو إلغاء الحكم المطعون فيه.

– لمحكمة النقض حق التصدي عند نقضها حكما أو قرارا كليا أو جزئيا متى كان الطعن بالنقض قد وقع للمرة الثانية، وتوفرها على جميع العناصر الواقعية التي ثبتت لقضاة الموضوع.- تحديد أجل 30 يوما لسقوط الأوامر بناء على طلب.

– إسناد اختصاص البت في طلبات تذييل المقررات الصادرة عن المحاكم الأجنبية وكذا السندات والعقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين بالصيغة التنفيذية حصريا للرئيس الأول لمحكمة الدرجة الثانية مع جعل الاختصاص منعقدا لمحكمة مكان التنفيذ.

– توسيع صلاحية قاضي التنفيذ بالبت في صعوبات التنفيذ الوقتية مع عدم قابلية أوامره التي تعد من قبيل أعمال الإدارة أو الأوامر الباتة في الأجل الاسترحامي لأي طعن.

– عدم إمكانية الطعن في القرارات الصادرة عن السيد الرئيس الأول عند البت في صعوبات التنفيذ إلا بالنقض.هذه بعض مستجدات هذا المشروع الذي لنا عليه بعض الملاحظات، سنحاول بسطها في الفقرة الموالية.

الفقرة الثانية: رصد بعض ملاحظات على المشروع.

لاشك أن مشروع قانون المسطرة المدنية اعتمد على العديد من المبادئ التي استقر عليها العمل القضائي وتواترت في شأنها اجتهادات محكمة النقض وفق صياغة قانونية سلسلة وواضحة، غير أنه لنا بعض الملاحظات عليه، سنحاول إيجازها كالتالي:

– لئن كانت الفقرة الثانية من المادة 11 من المشروع تنص على أنه “يمكن للجهة القضائية التي تنظر في الدعوى أن تأذن للقاصر، الذي ليس له نائب شرعي أو لم تتأت النيابة عنه، بالتقاضي أمامها أو بطلب الصلح فيما له فيه مصلحة ظاهرة” فانه يتعين إضافة مقتضيات إجرائية تراعي خصوصيات القاصرين ، من قبيل ، التنصيص على إجبارية الحصول على المساعدة القضائية ،وتنظيم كيفية الاستماع إليهم ومدهم بجميع المعلومات، بشكل يضمن معاملة منصفة لهم.

– نعتقد أن تقليص نطاق المقررات القضائية القابلة للطعن بالاستئناف وقصرها على الطلبات التي تتجاوز أربعين ألف (40.000.00)درهم لن يساهم في تخفيف الضغط عن المحاكم مالم يتم سن نظام للمساعدة القانونية يجعل اللجوء إلى المحاكم غير ضروري.

– يتعين إخضاع ممارسة الطعن بالاستئناف إلى إذن قضائي على غرار ببعض التشريعات المقارنة.

– تأكيد الفقرة الأولى من المادة 64 من المشروع على أنه ” تبت كل محكمة، في غرفة المشورة في إطار مسطرة تواجهية، عند الاقتضاء، إما تلقائيا أو بناء على ملتمس النيابة العامة أو طلب أحد الأطراف وبدون مصاريف، في كل ما يتعلق بتصحيح أخطاء مادية كتابية أو حسابية في المقررات الصادرة عنها، شريطة أن لا تكون موضوع طعن بالتعرض أو الاستئناف.”

يستوجب إضافة شرط آخر، هو عدم تجاوز المحكمة بهذا التصحيح إلى ما يؤدي إلى تعديل الحكم.- تنظيم وتقنين المشروع لمقتضيات الاختصاص القضائي الدولي شيء ايجابي لا سيما وأنه كان طي النسيان لعدة سنوات، إلا أنه بالاطلاع على المواد المنظمة له، يظهر أن المعيار المعتمد للاختصاص الدولي للمحاكم المغربية غير واضح ،كما أنه سيكون من الأفضل إخراج مدونة خاص بالقانون الدولي الخاص تجمع شتات النصوص المتفرقة في التشريع المغربي بما في ذلك تذييل الأحكام والعقود بالصيغة التنفيذية.

– بالنسبة للمواد المتعلقة بإجراءات التبليغ ، يلاحظ أن المشروع لم يوسع من دائرة وسائل التبليغ بما فيها الفاكس و البريد الالكتروني و الرسائل الهاتفية وغيرها من الوسائل الرقمية التي أصبحت متاحة للجميع.

– إعطاء للمكلف بالتبليغ صلاحية تحديد ما إذا كان الشخص المبلغ له مميزا ويحق له تسليمه الاستدعاء وفق ما جاء في المادة 84 من المشروع من شأنه أن يؤدي إلى تزايد الطعون في إجراءات التبليغ وبالتالي تمديد أجل البت في النزاع بدل تقصيره.

– ضرورة إضافة عبارة ” مع مراعاة مقتضيات القانون 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي” إلى المادة 114 من المشروع المنظمة لمقتضيات تسليم نسخ عادية للأحكام لكل ذي مصلحة من غير الأطراف.

– إعطاء المادة 226 من المشروع لقاضي المستعجلات الحق في اتخاذ كل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو لوضع حد لاضطراب ثبت جليا أنه غير مشروع، تكريس للمبادئ الفقهية والقضائية المستقر عليها من أن مهمة قاضي المستعجلات لئن كانت تستوجب عدم التعرض لأصل الحق أو الموضوع ، فانه في بعض الحالات تستوجب عليه اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية حقوق الطرفين بأن يبحث في ظاهر الأدلة المقدمة من الطرفين بحثا عرضيا لمعرفة أي من الطرفين أجدر بالحماية الوقتية واتخاذ التدبير التحفظي الذي يكفل هذه الحماية.

– نعتقد في ما يخص مقتضيات مسطرة الأمر بالأداء ، أن الإبقاء على إمكانية الطعن بالاستئناف ضد الحكم الصادر في التعرض فيه نوع من الإجحاف للدائن بمنح المدين الحق في التعرض ثم الحق في الاستئناف وهو ما يتناقض مع السرعة التي توخاها المشرع في سنه لهذه المسطرة، وعليه يستحسن إلغاء ميزة الطعن بالاستئناف.

– بالنسبة لمقتضيات المادة 258 من المشروع المتعلقة بالنفقة، وفي إطار الإشعار بالحقوق سيكون من الأفضل التنصيص على مقتضى يلزم المحكمة بإشعار طالبي النفقة بأحقيتهم في طلب نفقة مؤقتة .

– يلاحظ أن المادة 274 من المشروع جعلت الاختصاص المكاني في قضايا الطلاق والتطليق واردا على سبيل الترتيب إلزاما، مع جعل الاختصاص الأصلي منعقدا للمحكمة المتواجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية، مع أنه كان من الأفضل إعطاء الأولوية لموطن الزوجة في ترتيب الاختصاص المحلي في دعاوي الطلاق والتطليق.

– يلاحظ حذف مقتضيات المواد من 289 إلى 291 من قانون المسطرة المدنية التي تخول للمحكمة إمكانية منح تعويض مسبق تلقائيا أو بطلب من المصاب أو ذوي حقوقه إذا نتج عن حادثة الشغل عجز عن العمل يعادل ثلاثين في المائة على الأقل أو نتجت عنها وفاة، رغم أهميتها لمساسها بالجانب المعيشي للأجراء.

– بخصوص المسطرة في القضايا الاجتماعية، يلاحظ أن المادة 312 من المشروع لم ترتب أي اثر على عدم احترام الأجل المحدد في ثمانية أيام، خلافا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 88 من المشروع التي اعتبرت أنه إذا تمسك الطرف بعدم احترام اجل التبليغ، أخرت القضية حضوريا إلى جلسة أخرى.

– إبقاء المشروع على النص القاضي باستفادة الأجير أو ذوي حقوقه من المساعدة القضائية بحكم القانون دون قيد أو شرط، يجعل أشخاصا كثيرين يستفيدون من المساعدة القضائية بالرغم من أنهم ليسوا من محدودي الدخل ، لذا سيكون من الأفضل التراجع عن المساعدة القضائية بقوة القانون وجعلها بناء على طلب، مع إعطاء المحكمة سلطة تقدير من يستفيد منها، بناء على معطيات ومؤشرات محددة.

– يلاحظ أن المادة 375 من المشروع قصرت إمكانية الطعن بالنقض على المقررات الانتهائية الصادرة عن جميع محاكم المملكة، باستثناء القرارات الاستئنافية الصادرة في مادة فحص شرعية القرارات الإدارية، والأحكام الصادرة في الطلبات التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف (100.000.00)درهم، مع أنه يمكن في سبيل تخفيف الضغط عن محكمة النقض إخضاع الطعن إلى إذن قضائي على غرار بعض التشريعات المقارنة.

– إسناد اختصاص البت في طلبات تذييل المقررات الصادرة عن المحاكم الأجنبية وكذا السندات والعقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين قابلة للتنفيذ بالمغرب حصريا للرئيس الأول لمحكمة الدرجة الثانية المختصة نوعيا، سيحرم المدعى عليه درجة من درجات التقاضي، كما أن جعل الاختصاص لمحكمة مكان التنفيذ يتعارض مع مبدأ تقريب القضاء من المتقاضين.

– يلاحظ أن عددا من شروط منح الصيغة التنفيذية الواردة في المادة 453 من المشروع، قد تطرح إشكالات على مستوى التحقق من قيامها من ذلك مثلا: وجود ترابط متميز بين النزاع وبلد القاضي المصدر للحكم، و تمثيل الأطراف، وكذا عدم وجود غش في اختيار المحكمة المصدرة للحكم.

– تأكيد المادة 473 من المشروع على إمكانية الاستعانة بالقوة العمومية عند تنفيذ مقرر صادر بحضانة الولد أو تسليمه إلى من له الحق فيه أو بالزيارة أو بصلة الرحم، يستوجب إضافة عبارة “بشرط ألا يترتب عن ذلك ضرر للطفل المحضون”. لان التجربة أبانت أن تنفيذ مقرر تسليم المحضون الى من له الحق فيه أو صلة الرحم معه بواسطة القوة العمومية يترتب عنه خوف وهلع للطفل المحضون بل أمراض نفسية يصعب تجاوزها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *